أحبابي أولاد زيد
اسمحوا لي ...
حديثٌ أبثه لكم من أنين لطالما سمعته ...
فترجمته بكلمات عرجى ... واعذروني فــ (( ليس على الأعرج حرج )) ...
بدهيات :
ما منزلة القريب منك ؟؟؟
ما مدى مكانته في قلبك ؟؟؟
ما مدى تقديرك له ؟؟؟
ما مكانة ( عرضه ) في هامش لسانك وسمعك ؟؟
أوصى الشرع بالرحم وأوجب الصلة ... صلة حسية ومعنوية يا أولاد زيد ...
كف الأذى وبذل الندى .... لذوى القربى
القريب لايريد من قريبه مالاً وإنما يريد حباً صادقاً وودا صادقاً وقلباً أبيضاً
بعـــــــــــد هذا ....
ولربما ابتسم الكريم من الأذى .......... وفؤاده من حَرِّهِ يتأوه
ما أجمــــــل الصمت ....
يُكدرُ خاطر رفيع الذوق ... كلمات مُرة
بل ينغص على سليم الصدر .... ألفاظ منتنة ...
تخرج من أفواه قومٍ بلا استئذان !! وتنطلق بلا لجام !!
فمن الناس من لسانه مقراضٌ للأعراض ....
مقصورةٌ همته على ما يستهجن من قبيح الأقوال ...
(( شفت فلان يترزز هو ووجيهه ))
(( مابقى إلا هي ورع أمس جاي يتنبص ))
(( يويه يتميلح ))
(( يسمجه سمجاه ...))
(( شف شف ثويبه !! شف شف خشيمه !! شفشف عييناته .... ))
(( يافرقى وريع آل فلان طلع له عريف))
(( ما بقى إلا فلان يصير دكتور ....))
واجعله إن شئت بضمير الأنثى ..
ما هو الدافع لمثل هذا ؟؟؟
أهو الحسد ؟؟
أم مجرد الاحتقار والسخرية ؟؟؟
أم ماذا ؟؟
لطالما أظلمت المجالس من شؤم ذلك القول !!!
واقعٌ مرير ... وصورة قبيحة ... للأسف
تعتب على البعض بعده عن اجتماعات أقاربه !!
فيكون جوابه :
لم أجد من مجالسهم إلا السخرية والإحتقار .....
لقد عانيت منهم ....
مللتُ مجلسهم !!
قال عليه الصلاة والسلام :
( إن شر الناس منزلة عند الله يوم القيامة من ودعه أو تركه الناس اتقاء شرّه)
رواه البخاري ومسلم
إن رأوا من قصّر ثوبه واقتفى سنة نبيه .... تهامس بعضهم لبعض :
شف شف ثويبه هاه هاه .... ( تصغير احتقار !!! )
وما إن ينصرف أحدٌ من المجلس إلا وتناوله قبل أن يخرج !!!
ول ول تقل مكنسة يشفط شفط !!!
وآخر :
يا كبر كرشه كبراه !!
وهلم جرا في همسات منتنة ....
تزرع القطيعة ...
وتنبت الكراهية ....
وتحصد الحب .....
وتنزع الود ...
قال ابن مسعود :
( البلاء موكل بالقول , ولو سخرت من كلب لخشيت أن أحوّل كلباً).
إذا رمت أن تحيا سليماً من الردى ........ ودينك موفور وعرضك صيّن
فلا ينطقن منك اللسان بسوءةٍ ........... فكلك سوءاتٍ وللناس ألسن
وعينك إن أبدت إليك معائباً ............ فدعها وقل يا عين للناس أعين
وعاشر بمعروف وسامح من اعتدى ...... ودافع ولكن بالتي هي أحسن
فأين هم عن قول يقول الله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا يَسْخَرْ قَومٌ مِّن قَوْمٍ عَسَى أَن يَكُونُوا خَيْرًا مِّنْهُمْ وَلَا نِسَاء مِّن نِّسَاء عَسَى أَن يَكُنَّ خَيْرًا مِّنْهُنَّ وَلَا تَلْمِزُوا أَنفُسَكُمْ وَلَا تَنَابَزُوا بِالْأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمَانِ وَمَن لَّمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ}
قال الإمام ابن جرير:
"إن الله عمّ بنهيه المؤمنين عن أن يسخر بعضهم من بعض جميع معاني السخرية، فلا يحلّ لمؤمن أن يسخر من مؤمن لا لفقره، ولا لذنب ركبه، ولا لغير ذلك".
وقال ابن كثير:
"ينهى تعالى عن السخرية بالناس، وهو احتقارهم والاستهزاء بهم، كما ثبت في الصحيح عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (الكِبْر بطر الحق وغَمْص الناس) ويروى:
(وغمط الناس) والمراد من ذلك: احتقارهم واستصغارهم، وهذا حرام، فإنه قد يكون المحتقر أعظم قدراً عند الله، وأحب إليه من الساخر منه المحتقر له؛ ولهذا قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَومٌ مِنْ قَوْمٍ عَسَى أَنْ يَكُونُوا خَيْرًا مِنْهُمْ وَلا نِسَاءٌ مِنْ نِسَاءٍ عَسَى أَنْ يَكُنَّ خَيْرًا مِنْهُنَّ} فنص على نهي الرجال وعطف بنهي النساء".
وأين هم من قول رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: (إن العبد ليتكلم بالكلمة ما يتبين فيها يزلُ بها إلى النار أبعد مابين المشرق والمغرب)
ومن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم ( يا معشر من آمن بلسانه ولم يؤمن بقلبه , لا تتبعوا عورات المسلمين ولا عثراتهم فإنه من يتبع عثرات المسلمين يتبع الله عثرته , ومن يتبع الله عثرته يفضحه وإن كان في بيته ) صحيح بمجموع طرقه
وفي حديث أبى موسى - رضي الله عنه - أنه سأل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: قلت: يا رسول الله أي المسلمين أفضل؟
قال: (من سلِم المسلمون من لسانه ويده)
وجاء في الحديث أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ( لما عُرج بي مررتُ بقوم لهم أظافر من نحاس يخمشون وجوههم وصدورهم فقلت: من هؤلاء يا جبريل؟ قال: هؤلاء الذين يأكلون لحوم الناس ويقعون في أعراضِهم)....
و عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :
( أتدرون ما المفلس ؟ "
قالوا : المفلس منا من لا درهم له ولا متاع ..
فقال :
"إن المفلس من أمتي يأتي يوم القيامة بصلاة وصيام وزكاة , ويأتي وقد شتم هذا وقذف هذا وأكل مال هذا وسفك دم هذا وضرب هذا , فيعطى هذا من حسناته وهذا من حسناته , فإذا فنيت حسناته قبل أن يقضى ما عليه أُخذ من خطاياهم فطرحت عليه ثم طرح في النار ) في صحيح مسلم
وقال الشافعي :
المرء إن كان عاقلا ورعاً ......... أشغله عن عيوب غيره ورعه
كما العليل السقيم أشغله ......... عن وجع الناس كلِّــهم وجعه
وكما قيل :
وأجرأ من رأيت بظهر غيب ........ على عيب الرجال ذوو العيوب
فكيف بالقريب ؟؟؟
كيف ؟؟؟
من له حقان : حق الإسلام وحق الرحم ؟؟؟
ينبغي أن يكون الود كله معه ...
والبشاشة دوما في لقياه ....
وقد يكون ذاك المنهوش عرضه خير من ناهشه ...
كما ورد عن أبي هريرة -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال:
(رُبَّ أشعث أغبر ذي طِمرين - الثوب الخَلِق البالي- تنبو عنه أعين الناس لو أقسم على الله لأبرَّه)
وقفة مع الماضين رحمهم الله :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية موضحاً حال كثير من الناس :
ومن العجب أن الإنسان يهون عليه التحفظ من أكل الحرام والظلم والسرقة وشرب الخمر، ومن النظر المحرم وغير ذلك، ويصعب عليه التحفظ من حركة لسانه، حتى ترى ذلك الرجل يشار إليه بالدين والزهد والعبادة، وهو يتكلم بالكلمات من سخط الله لا يلقي لها بالاً، ينزل بالكلمة الواحدة منها أبعد ما بين المشرق والمغرب، وكم ترى من رجل متورع عن الفواحش والظلم ولسانه يفري في أعراض الأحياء والأموات، ولا يبالي ما يقول .
قال الحسن ابن بشار : منذ ثلاثين سنة ما تكلمت بكلمة أحتاج أن أعتذر منها.
قال رجل للفضيل ابن عياض: إن فلاناً يغتابني، قال: قد جلب لك الخير جلباً.
قال عبد الرحمن بن مهدي:
لولا أني أكره أن يُعصى الله تمنيت ألا يبقى في هذا العصر أحدٌ إلا وقع فيّ واغتابني فأي شيء أهنأ من حسنة يجدها الرجل في صحيفته يوم القيامة لم يعملها ولم يعلم بها.
- قال طوق بن منبه:
دخلت على محمد بن سيرين فقال: كأني أراك شاكيا؟
قلت: أجـل، قال: اذهب إلى فلان الطبيب فاستوصفه ثم قال:
اذهب إلى فلان فإنه أطب منه، ثم قال: أستغفر الله أراني قد اغتبته.
-روي عن الحسن أن رجلاً قال:
إن فلاناً قد اغتابك، فبعث إليه طبقاً من الرطب، وقال: بلغني أنك أهديت إليّ حسناتك، فأردت أك أكافئك عليها، فاعذرني، فإني لا أقدر أن أكافئك بها على التمام.
وذكر عن أبي أمامة الباهلي - رضي الله عنه - أنه قال: إن العبد ليُعطى كتابه يوم القيامة فيرى فيه حسنات لم يكن قد عملها، فيقول يا رب: من أين لي هذا؟ فيقول: هذا بما اغتابك الناس وانت لا تشعر.
روي عن عمر بن عبد العزيز أنه دخل عليه رجل فذكر له عن رجل شيئا، فقال له عمر:
إن شئت نظرنا في أمرك، فإن كنت كاذبا فأنت من أهل هذه الآية: {إن جاءكم فاسقٌ بنبأ فتبينوا} وإن كنت صادقاً فأنت من أهل هذه الآية {همازٍ مشاءٍ بنميم} وإن شئت عفونا عنك؟ فقال:
العفو يا أمير المؤمنين، لا أعود إليه أبدا.
اغتاب رجل عند معروف الكرخي فقال له: اذكر القطن إذا وُضع على عينيك.
وجرحُ السيف تأسوه فيبرا ........ وجرحُ الدهر ما جَــرَحَ اللسان
جراحات الطِّــعان لها التئام ....... ولا يلتــامُ ما جرح اللسان
دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على أبي بكرٍ الصديق رضي الله عنه وهو يجبذ لسانه أي يجره بشدة، فقال عمر:
( مَـه !! غفر الله لك " فقال أبو بكرٍ رضي الله عنه : "إن هذا أوردني الموارد").
قال رجل : رأيت ابن عباس آخذاً بثمرة لسانه وهو يقول:
( ويحك , قل خيراً تغنم واسكت عن شرٍ تسلم. قال : فقال له الرجل : يا ابن عباس , مالي أراك آخذاً بثمرة لسانك وتقول كذا وكذا ؟ .. قال ابن عباس :
بلغني أن العبد يوم القيامة ليس هو على شيءٍ أحنق منه على لسانه، يعني لا يغضب على شيءٍ من جوارحه أشد من غضبه على لسانه )
وكان طاووس بن كيسان رضي الله عنه يعتذر من طول السكوت ويقول:
( إني جربت لساني فوجدته لئيماً راضعاً). !!!
وذكر هناد ابن السري في كتابه الزهد بسنده إلى الحسن أنه قال :
( يخشون أن يكون قولنا "حميد الطويل" غيبة لأنهم بينوه ونسبوه أنه طويل ).
حميد الطويل يخشون أن تكون غيبة!!!! كيف لو سمعونا ؟؟؟؟.
قال جرير بن حازم :
( ذكر ابن سيرين رجلاً فقال : ذلك الرجل الأسود .. يريد أن يعرّفه ..
ثم قال : أستغفر الله , إني أراني قد اغتبته).
سبحان الله ....
وكان عبد الله بن وهب رحمه الله يقول :
( نذرت أني كلما اغتبت إنساناً أن أصوم يوماً فأجهدني – يعني تعبت – فكنت أغتاب وأصوم أغتاب وأصوم .. فنويت أني كلما اغتبت إنساناً أن أتصدق بدرهم، فمن حب الدراهم تركت الغيبة)،
ما رأي أحبابي أولاد زيد كلما حصل منا سخرية بأحد أو غيبة ... تصدقنا بريال !!
(( عز الله أصبحنا من كبار المفاليس ))
قال النووي في الأذكار :
بلغنا أن قس بن ساعدة وأكثم بن صيفي اجتمعا , فقال أحدهما لصاحبه :
( كم وجدت في ابن آدم من العيوب ؟ فقال : هي أكثر من أن تحصى , والذي أحصيته ثمانية آلاف عيب, فوجدت خصلة إن استعملتها سترت العيوب كلها ..
قال : ما هي ؟ قال : حفظ اللسان !!)
قال إبراهيم التيمي :
(أخبرني من صحب الربيع بن خثيم عشرين عاماً ما سمع منه كلمة تعاب).
وقيل للربيع :
( ألا تذم الناس ؟ قال :
والله إني ما أنا عن نفسي براضٍ فأذم الناس ؟
إن الناس خافوا الله على ذنوب الناس , وأمنوه على ذنوبهم)، عجيب ؟؟؟.