التفكير
أسباب تعطيل ملكة التفكير
وهذا الفهم والهداية أيضا ومع ذلك نلحظ ونقر ونعترف أننا أو أغلبنا -بعبارة أدق- قد عطَّل ملكة التفكير التي وهبه الله إياها السؤال: ما هي أسباب تعطيل ملكة التفكير؟
لنقف هذا اليوم مع هذه الأسباب، متلمسين أبرز الأسباب لا على سبيل الحصر، قرأت عليكم في الأسبوع الماضي كلام العقاد، وقد ركز العقاد، العقاد ذكر أن مجمل أسباب تعطيل التفكير يعود لثلاثة أسباب، هذا كلام العقاد قال:
السبب الأول: هو الالتزام بالعادات والتقاليد والعرف الموروث عن الآباء والأجداد على غير هدى.
ثانيا: هذا كلام العقاد، قال: الاقتداء الأعمى بأولئك الذين لا يفقهون النصوص -هذا معنى كلام العقاد-.
السبب الثالث: الخوف المهيمن من أصحاب القوة والبطش.
قال ثلاثة أسباب تؤدي إلى تعطيل ملكة التفكير؛ ولذلك أذكر لكم أسبابا بشكل أوسع مما ذكر العقاد فأقول:
السبب الأول: من أسباب تعطيل ملكة التفكير هو الخوف والتردد:
1- الخوف من الفشل يقول الإنسان: أخشى أن أقدم مشروعا فيفشل، أنا سأذكر الأسباب -وإن شاء الله- بعد ذلك سأذكر العلاج، يعني كيف نتقي تعطيل ملكة التفكير؟ أو كيف نتغلب على عوائق التفكير؟ إذًا قلت: إن الخوف والتردد هو رقم واحد هذا ينقسم إلى أقسام كثيرة، الخوف من الفشل.
2- الخوف من النقد والسخرية والاستهزاء، بعض الناس يقول: أنا أخشى أن آتي بجديد أصبح عرضة للنقد والسخرية والاستهزاء، ألم تروا كيف ينقد الدعاة؟ ألم تروا كيف ينقد ويسخر بالمفكرين الحقيقيين الذين يريدون أن ينهضوا بواقع أمتهم من كبوتها؟ هذا نعم كلام شديد أشد من وقع النبال، أشد من وقع النبل عليهم والسهام:
وظلــم ذوي القـربى أشـد مضاضـة على النفس من وقع الحسام المهند
فنعم صحيح المفكر الذي يتقدم، ويطرح مشروعات لإنقاذ أمته سيتعرض للسخرية، سيتعرض للاستهزاء (وَإِذَا مَرُّوا بِهِمْ يَتَغَامَزُونَ وَإِذَا انْقَلَبُوا إِلَى أَهْلِهِمُ انْقَلَبُوا فَكِهِينَ)( ) (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ)( )، فكثير من الناس ما عنده جرأة واستعداد لتحمل السخرية، فخوفا من السخرية أو الغمز أو اللمز تجد أنه لا يتقدم ويترك التفكير، وهو قادر على التفكير.
3- ولا زلنا في أسباب الخوف، الخوف من التصنيف، كيف الخوف من التصنيف؟ نحن الآن في عصر -مع كل أسف- هناك متخصصون بتوزيع الأمة، وتقسيم الأمة إلى شيع وأحزاب،فيخاف الإنسان أن يخرج ما عنده من أفكار تفيد أمته وتفيد جيله وتفيد مجتمعه، يقول لك: والله أنا عندي حلول وعندي آراء وعندي مقترحات، لكن أخشى أطرحها؛ فأصنف يقال: إنك من الجماعة الفلانية، أو من الجماعة الفلانية، أو من الحزب الفلاني،أو من الحزب الفلاني، فنقول له: هل أنت فعلا من هذه الجماعات أو الأحزاب؟ يقول لك: لا، أبدا أنا لست لا من هذه الجماعات ولا الأحزاب، لكنني أخشى أن أظهر هذا الأمر فأصنف، هذا سبب، وقلت لكم: لن آتي بالعلاج، أنا أتحدث الآن فقط عن الأسباب،فالخوف من التصنيف وبخاصة هذا العصر يمنع كثيرا من الناس من قول كلمة الحق، ويمنع كثيرا من الناس أن يفيدونا مما حباهم الله -جل وعلا- من ثمرات عقولهم وأفكارهم.
رابعاً: الخوف من الأذى الحسي أو المعنوي، يقول: أنا أخشى لو أنني تقدمت بمثل هذه المشروعات، أو تقدمت بهذه الأفكار المهمة أخشى أن أوذى، أخشى أن أتعرض لشيء في جسمي أو وظيفتي أو في أهلي أو ولدي.
وقد رد العقاد على هؤلاء ردا جميلا في الأسبوع الماضي أقرأه اليوم؛ لأنه يكتب من ذهب "الذين يتقون الأذى، الذي يخشون أن يصيب أجسامهم؛ فيرضون أن تصيب عقولهم وأفكارهم هؤلاء لا يستحقون الحياة الذي يعطل فكره، ويعطل تفكيره، ويعطل عقله خوفا من الأذى الحسي الذي قد يصيب جسمه، ويتقبل الأذى المعنوي الذي يصيب عقله، ويصيب تفكيره، ويصيب سمعته، ويصيب دينه هذا لا يستحق أن يعد رجلا.
اسمعوا لكلام العقاد يقول: "ولا معنى للدين ولا للخلق ولا معنى للدين ولا للخلق إذا جاز للناس أن يخشوا ضررا يصيب أجسامهم، ولا يخشوا ضررا يصيبهم في أرواحهم وضمائرهم، وينزل بحياتهم الباقية إلى ما دون الحياة التي ليس لها بقاء، وليس فيها شرف، ولا مروءة " صدق.
نعم فالخوف من الأذى الحسي الذي قد يصيب الجسم أو المال أو الأهل ما الذي سيحدث، نعم قد يسلم جسمه، قد يسلم ماله، قد تسلم وظيفته، لكنه يعيش كحياة الأنعام،