للشكر جزاء عظيم وثواب عند الله، لأن الشاكر امتثل أمر ربه ، وعرف واهب النعمة، وأدرك قيمتها، وأدى حق الله تعالى فيه، فمن شكر الله على كل نعمة قدر استطاعته، بامتثال المأمور واجتناب المحظور، فقد عبد الله وأتى بما أُمر به، فاستحق الثواب العظيم .
يقول الشيخ عبد الرحمن السعدي - رحمه الله - : (الشاكرون أطيب الناس نفوساً، وأشرحهم صدوراً، وأقرهم عيوناً، فإن قلوبهم ملآنة من حمده والاعتراف بنعمه، والاغتباط بكرمه، والابتهاج بإحسانه، وألسنتهم رطبة في كل وقت بشكره وذكره، وذلك أساس الحياة الطيبة، ونعيم الأرواح، وحصول جميع اللذائذ والأفراح، وقلوبهم في كل وقت متطلعة للمزيد، وطمعهم ورجاؤهم في كل وقت بفضل ربهم يقوى ويزيد .) [1].
وقد دلت النصوص على أن الشاكر إنما يشكر لنفسه، لأنه هو المنتفع الذي سعى لحياة طيبة في الدنيا، وحياة منعمة في جنة الخلد يوم القيامة. قال تعالى: ((وَمَن يَشْكُرْ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ)) (لقمان :12) .
وقال تعالى: ((وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ)) (الروم: 44) .
وقال تعالى: ((وَمَن جَاهَدَ فَإِنَّمَا يُجَاهِدُ لِنَفْسِهِ )) (العنكبوت :6).
إن جزاء الشاكرين منه ما هو معجل في الدنيا، ومنه ما هو مدخر ليوم الجزاء أحوج ما يكون الشاكر إليه، فمن ثمار الشكر وفوائده:
1- حفظ النعم من الزوال :
إن الشكر قيد للنعم، يبقيها ويحفظها من الزوال، وهذا من أعظم آثار الشكر وثماره، فإن الإنسان يحب بقاء النعم التي هو فيها ويكره زوالها.
وقد دلت النصوص على أن الشكر سبب لبقاء النعم، وكفرها سبب في زواله،فقال تعالى: ((وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ)) (إبراهيم :7).
الآية تدل بمعناها على أن الشكر بقاء للنعم الموجودة، لأن الزيادة معناها: إضافة نعمة إلى نعمة، وهذا ظاهر في سبق نعمة أخرى، فدلت الآية على أن الشكر كما يفيد زيادة النعم المفقودة، فهو سبب لبقاء النعم الموجودة، وهذه سنة الله تعالى للخلق ووعده الصادق، الذي لا بد أن يتحقق على أية حال.
وقال تعالى: ((إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ)) (الرعد: 11).
فقد دلت الآية على تمام عدل الله تعالى، وقسطه في حكمه، بأنه تعالى لا يغير نعمة على أحد، إلا بسبب ذنب ارتكبه، ومفهوم الآية أن من قام بوظيفة الشكر، وسار على المنهج القويم، فلم يغير ولم يبدل فإن الله تعالى يحفظ عليه نعمته، ويزيده من فضله.
والإنسان يملك أن يستبقي نعمة الله عليه، إذا هو عرف النعمة وشكر مسديها وموليها، ويكون سبباً في زوالها إذا هو كفر وعصى.
* ومن مأثور علي – رضي الله عنه – ( احذروا نِفَار النعم ، فما كل شارد مردود )[2].
* ومن مأثور كلام الحكماء: من لم يشكر النعم فقد تعرض لزوالها، ومن شكرها فقد قيدها بعقالها.
* الشكر قيد النعم الموجودة، وصيد النعم المفقودة.
* من جعل الحمد خاتمة للنعمة، جعله الله فاتحة للمزيد [3].